الجمعة، 22 فبراير 2013

من غرائب النبات: نباتات لكنها مفترسة !

حتضن كوكبنا نباتات خارجة عن المألوف تعتمد في غذائها على الحشرات، وكل نوع منها له طريقته الخاصة في الصيد، إليكم هذه المجموعة المدهشة من غرائب النبات :

زهرة الفخ “Venus Entrapment” .. !!

تعتبر زهرة الفخ زهرة أسطورية صائدة للحشرات، تتواجد في المستنقعات وتتغذى على الحشرات التي تصطادها وعلى أيِّ شيءٍ كبير بما يكفي ليقع في الفخ.
تتبع “زهرة الفخ” آلية مدهشة في الصيد، فعندما تتعثر الحشرة الواقفة بين شطري الزهرة تجد نفسها في الفخ النباتي وقد أطبق عليها بحيث لا تستطيع الفرار، والأسوأ من ذلك فبعد الإمساك بالفريسة تعمل الزهرة بآلية تفتل بها الأوراق لتتحول بذلك إلى معدة لهضم الفريسة، والأمر الأكثر إدهاشاً أن للفخ اثنين من المشغلات التي تعمل على الحيلولة دون حصول الإغلاق الخاطف للأوراق وذلك تجنباً لهرب الفريسة عند محاولة الإمساك بها.

جرة العطور القاتلة “Deadly Pitcher” .. !!

زهرة ممتلئة بسائل وتشبه إلى حدٍ كبير شكل الجرة، تم اكتشافها مؤخراً وتلقب بالصياد السلبي، تفوح من النبتة القاتلة عطوراً مغرية تجذب الحشرات، فبدلاً من استخدام الفخاخ عمدت فصيلتها على تطوير مزالق مبطنة على جوانب شديدة الإنزلاق.
يوجد هذا النوع من النباتات بتشكلية واسعة ومتنوعة وبأحجام مختلفة، ومعظمها تتغذى على الحشرات وأحياناً على السحالي الصغيرة، وهناك أنواع منها بأحجامٍ تتسع لصيد الفئران.

زنبقة الكوبرا “Cobra Lily” .. !!

زهرة تشبه إلى حدٍ كبير أفعى الكوبرا، فرأسها المنتفخ ولسانها المتشعب وأنبوبها الطويل جعلها تستحق لقب زهرة “زنبقة الكوبرا”.
تنمو “زنبقة الكوبرا” في المناطق الجبلية للساحل الغربي من ولاية كاليفورنيا، لذا تدعى أيضاً زهرة جرة كاليفورنيا.
على الرغم من أنَّ “زنبقة الكوبرا” تتبع نفس طريقة فخاخ الجرة، إلا أنها تشذ عن غيرها من آكلات اللحوم، حيث أنَّ أوراقها لا تحتوي على الأنزيمات الهاضمة، وبدلاً من ذلك فهي تعتمد على البكتيريا التكافلية لتحويل الفريسة إلى مواد غذائية.

زهرة ندى الشمس “Sundew” .. !!

زهرة ذات أوراق مغطاة بعشرات السيقان، وكل ساق مغطاة بمادة شديدة اللزوجة، وعند اقتراب الفريسة تلتصق على الفور ولا تستطيع الإفلات، فتقترب منها المزيد من السيقان لتحاصرها تماماً، ثم رويداً رويدا تعمل النبتة على هضمها.

الوحش كودزو “Kudzu” .. !!

وحش كلوروفيلي يزحف ببطء وبكل تصميم وبلا هوادة مبتلعاً الطرقات والمنازل والسيارات خانقاً بذلك مجتمعات بأكملها.
تم استيراد نبات الكودزو “Kudzu” من موطنه الأصلي “اليابان” عام 1876، حيث كان يباع هناك على أنه معجزة نباتية، ولكن ما لم يتوقعه أحد أن هذه النبتة الأعجوبة ستكون يوماً ذات أصول قاتمة.
قد لا يكون “كودزو” آكلاً للحوم كغيره من النباتات آنفة الذكر ولكنه يعتبر قاتلاً بحسن النية، والغزو الأخضر والإحتلال الزمردي جعله يستحق الذكر، وكما يقول أهل تلك المناطق: “البقرة لن تأكل “كودزو” ولكن “كودزو” بالتأكيد سيأكل البقرة”، وحالياً يغطي الوحش كودزو مساحات شاسعة من جنوب شرق الولايات المتحدة.
أترككم مع فيديو النباتات آكلة اللحوم :
المصدر nationalgeographic

إكتشافات حديثة : إكتشاف بقايا نهر ضخم على سطح الكوكب الأحمر



أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية قبل عدة أيام عن إكتشاف بقايا نهر ضخم على سطح الكوكب الأحمر “المريخ” ..
و قد أكدت ذلك من خلال نشرها لسلسة صورة مذهلة جديدة تظهر بقايا واضحة لنهر ضخم كان يتدفق على سطح الكوكب منذ عصور بعيدة، و الذي يبلغ على نحو 900 ميل (أي ما يعادل 1500 كيلو متر) من خلال روافد عديدة، و التي يمكن رؤيتها بكل وضوح في الصور التي في الأسفل.
 و قد تم إلتقط هذه الصور من منطقة أخدود المخيخ أو Reull Vallis و تجميعها و نقلها بواسطة الكاميرا العلوية للمركبة الفضائية “مارس إكسبرس” التي تم إطلاقها من قبل في عام 2003 لإستكشاف سطح كوكب المريخ.
(صورة التي تم إلتقاطها بواسطة المركبة الفضائية “مارس إكسبرس”)
 و يعتقد العلماء في ناسا بإن هذه الآثار تمثل وجود مستويات جليدية و مياه قد تبخرت منذ زمن فى مراحل بعيدة و مستويات مختلفة.
أعطت هذه الصور أملا أكبر للجميع بأن هناك فرصة أكبر بوجود مياه على سطح كوكب المريخ كما أعتقد العلماء و الجميع من قبل.
(صور تبين بشكل واضح مدى وجود أثار المهر و عمقه)
صورة حقيقية لنهر ريو تينتو، الذي يقع في مدينة اسبانيا. بسبب ألوانه المذهلة يبدو كأنه من كوكب المريخ 

"هناكً ما لم ْ يُدرِكنيْ "

يبقى عليك أن تعلمي من أين ستبدئين !

عبدالعزيز القرّا

أما وقد امتلأتُ الآن بفراغ ٍ يتيح فرصة ً لا بأس بها لحركة فوضى خجولة بداخلي أن تخطو خطوتها الأولى , فسأسمح للأنصاف داخلي أن تتشبع بتهدج الكمال هذه الليلة , فإنه لا يتكرر كثيرا ً أن تعثر الظواهر ذات الرتابة الفيزيائية على ثغرة ٍ قانونية تلقي بنفسها من خلالها كمن يهتف منتصرا ً إذا عثر على بقعة ٍ للمدخنين في منطقة يُحظر بها التدخين .


ذات تلقيمة من تلك التلقيمات التي أحقنها لخيالي مرة ً تلو الأخرى - كطبيب يحكم قبضته على الصاعق الكهربائي جاهدا ً لإنقاذ حياة مريضه - كانت الجرعة على غير العادة . معقمة ً بدرجة مفرطة أم متّسخة مليئة بشوائب ناتجة عن إهمال متعمد , لا أدري . . فقد كان المشهد كأنه يخرج من إحدى الروايات الأسطورية لشكسبير وتشارليز ديكنز , منمقا ً كعناية سيدة في الثلاثينات بهيئتها قبيل موعد ٍ غرامي على العشاء مع عشيق غير شرعي , كان مفعما ً بكل تلك الجنونيات الاستثنائية التي تأتي متفرقة ً - ربما لعدم قدرتها على أن تتكدس في نفس الوقت في فتحة ضيقة سمحت لنا بها أبعادنا المعدودة - كانت جنونيات شهية , طفولية , متأنية , طائشة لحظة ومنطقية جدا ً لحظة ً أخرى , متخبطة , مفعمة باللذة , أتت هذه المرة جملة ً واحدة كعصابة قد حددت موعدا ً بدقة للسطوعلى إحدى محلات المجوهرات .كان المشهد غريبا ً مخيفا ًً شهيا ً لا تبدو له نهاية , تركني مستلقيا ً على حافة سريري من فرط تعالي الشهقات في جسدي .


كبركان ٍ مستلق ِ خاشعاً كراهب يفنّد ذوبه راكعا ً للرب ليغفرها جميعا ً حتى يشعر بالصفاء والرضا فيقضي فترة قصيرة تتبع صلاته بين الصمت والتبسّم ذا المغزى , جلست ُ أتمتم بكلمات ٍ كنت ِ قد خبّأتِها في جيب معطفي خلسة ً وأنا منشغل بالتحقيق مع تفاصيلك ِ المعتمة ما إذا كانت ستسطو اليوم أيضا ً على جسدي الذي إذا استلقى على صدرك ِ ينتهي جثة تتلذذ بموتها الأسطوري الذي ينتشي مع كل شهقة ويتوقف متأهبا ً للنشوة اللاحقة مع كل زفرة .كنت ُ أتوقف بعد كل مقطع لأستعيد موهبتي في ترويض الخيال التي اكتسبتها على مدى لحظات طويلة كانت تنقضي لمجرد العثور عليك ِ في دواخل الدواخل فيّ , ثم ألهث بانسجام وأتصاعد بمهنية في تخيلي حتى أستجدي جسدك ِ ملقى بين ذراعي فتخونانني وتعتنقا الفراغ بقوة وصلابة لتسقط أول دمعة ٍ تنذر هذا الخيال الجامح أن ينقرني من الداخل , فأصحو على بياض لم أفهمه إلى الآن , لا شيء سو هذا البياض المبهم الباهت , معقدا ً بسيطا ً لا يعترضك ولا ينتهك حرمة إنسانيتك في كونك ذا قدرة متواضعة على مجاراة أسلوبه في إنهاء المعركة لصالحه دوما ً كان هكذا بياضا ً شاسعا ً فسيحا ً لا يشوبه شيء يهيّأ لك أن تستطيع العدو فيه لساعات ٍ دون أن تلهث أو تشعر بالعطش وفجأة دون سابق إنذار يطوقك بحركة خاطفة حتى يهيّأ لك أنه سواد قاتم ويلقيك لاهثا ً دون أدنى شعور بالوقت الذي يتسرب منك حتى تنقشع عن عينيك َ ضبابية المشهد السرابي .


كما تجرفينني دوما ً في معترك ِ العبث الطفولي ّ القادم من خلف أنثى متوهّجة ينبع عن جسدها ذبذبات مرتبة بعناية فائقة منتظمة كـ تكّات ساعة سويسرية ثمينة, كلفحة دفء تطلقها ألسنة اللهب تتابعا ً من موقد ٍ يحيطه عاشقان منهكان من وجع اللذة الحارق في ليلة ٍ قارسة البرد , كنت ِ تتهادين اليوم حولي بتلك الهيئة , هيئة الطفلة العابثة التي تبعث على ثورة هادئة سرعان ما تتحول لجنون لم أفلح في ترويضه أبدا ً فتتصاعدين بمهارة متّخذة شكل الأنثى الماكرة التي استدرجت الضحية لفخها والتي ما إن وقعت في الفخ ّ أخذت ِ تتأملينها بابتسامة هادئة تحفظ بدقّة جدول الموت الذي ستتخذه الليلة , فلا يبقى عليك ِ سوى أن تعلمي من أين ستبدئين !


ها أنا معبأ بالنقصان تركلني فكرة كلما سلكت طريقها للمحرقة معبّرة عن سخطها لما عانته من تخبط في بركان ممتع سرعان ما ينطفئ إذا تذكّرنا ما يحمله صباح الغد من مجهول مقلق .

مليء بالتناقضات التي كانت يوما ً ممتعة لما كان كل شيء يؤدي لأي شيء , أما الآن فتمثيل دور المنجرفين عنوة في سيل القدر أصبح فاتراً مملا ً لا يصحبه أي معنى.


أمّا الآن فاقتربي حتى تتلمسي الحائط بظهرك الصافي المنتصب وأطلقي العنان لأنفاسا ً متلاحقة أن تضطرب في طريقها إلي قبل أن تصل لتطوقني بمهارة تتبعها يداكِ الباردتين اللاتي سرعان ما يتوهجا دفئا ً ما إن يندثرا في جسدي بحثا ً عن شيء لا تدركينه إلا بعد أن يكون قد فات الأوان ومن الصعب على أي منّا أن يفسّر تفاصيل عقارب الساعة المعلّقة في أعلى الجدار المقابل !


هكذا نستعدّ لنوبة ٍ حمقاء جديدة !

قصيدة مترجمة عن الشعوب


محمد عبد الصمد الإدريسي

ما ضَرهُم لو أننا عِشْنا كراما هانئينْ
الصبح يأتي بالنسيم وبالأريج ويَاسَمِينْ
والليل تَهبط رُسْلُه سَكَنا فَنُمْسي آمِنِينْ
ما ضَرهُم لَوْ زال عَنا هَمُنَا وخَبَا الأنينْ 
لو أَن قلباً منهمُ فاضَتْ شَواطئُه حنينْ
لو أننا بِتْنَا جميعا تحت سقف حالِمِينْ

°°°°°°°°°°°°°°°

الأرضُ أُفْق حولنا يمتد مداً بالعيونْ
والبحر ساج كامنٌ في جَوفه الدُر المَصُونْ
والنفط ذُخر نَبْعُه في أرضنا يجري عيونْ
فلم التعاسة يا ترى؟ أم ما لها جاعت بطونْ؟
يا أمتي واهاً لنا.. غَمَرتْ سفينتَنا دُيونْ
حَارَ الحَليمُ بِأَرْضنا ظَلتْ تُصَارعه الظنونْ

°°°°°°°°°°°°°°°°°°

مَا حَقُنا مِنْ أرضنا.. من زرعنا.. ومن الغِلالْ؟
أَمْ أن قِسْمَتَنا: نُشَيعُ حُلْوها فَوْقَ السِلالْ
ما حَظُنا مِنْ بَحْرنا، مِنْ ماء جَدْولنا الزلالْ
أتُراهُ موقوفٌ عَوائِدهُ لأصْحَاب المَعَالْ
ما سِرُ هذا القيد يَعْصِرُنَا وهاتيك النِبَالْ
ضَجَتْ بِنَا الشكوى فَمَا يُجْدي الكلام بلا فِعالْ؟

°°°°°°°°°°°°°°°°

قد أُبْدِلَتْ أحلامنا شَفقا تَلَبدَ بالغيومْ
وتتابعتْ أنفاسُنا آها.. و.. آها.. مِنْ كُلُومْ 
فالصُبْح مثلُ الليل يأتي بالسكون وبالوُجُومْ
والبُلبُل الغِرِيدُ يُسمَعُ شَدْوُهُ كنَعيقِ بومْ
مَا انْفَضَ سُوقٌ كَاسِدٌ إلا بِسَاحَتِنَا يَقومْ
صِرْنَا مَطارِحَ للمَهَانَة فالهَوَانُ بِنَا يَحُومْ

°°°°°°°°°°°°°

كَمْ غَابتِ الآمالُ عَنَا خَلْفَ سُورٍ مِنْ سَرابْ
كم شَردَتْ فينا الهزائم دون جَيْشٍ أو حِرَابْ
كَمْ رَكْبُنا ضَلَ الخُطَى والدربُ تَحْرُسُه الذئابْ
كَمْ قد غَدتْ أمْجَادُنا طَلَلاٌ تَدَثرَ بالضَبَابْ
كم صُودرتْ أرضٌ لنا مِنْ حَولنا وعَلا الخَرابْ
كم دَونَ التاريخ سِفْراٌ.. ليس فيه لَنَا كِتابْ
°°°°°°°°°°°°°°
والحَقُ يبدو مِن بعيدٍ ..من بعيدٍ.. من بعيدْ
مِثْلَ النبي تَفرقتْ أتْباعُهُ خَوْفَ الوعيدْ
مَذْعُورُ يَرتادُ الفيافي والصحاري كالشريدْ
فِي خَلْفِه تَعْدُو فيالق من مَوَالي.. من عبيدْ
ويَمُدهُمْ أسْيَادُهُم مدّا.. حجارةً أو الحديدْ
مَنْ يُرْجِعُ الحقَ المُضَيعَ؟ أو يُناصرُ ذا الطريدْ؟

°°°°°°°°°°°°°°

هَا إن أصحابَ الجَلالةِ في ظِلالٍ يَتكُونْ
مِثلَ الرعاةِ لَهُم شِيَاهٌ في الفَلاةِ يُسَرحُونْ
يتراقصون على الجراح.. وقد صَفَتْ لَهُمُ السِنُونْ
لا هَمَ عندهُمُ سوى ملْءِ الخزائنِ والبطونْ
من قوتنا.. من دمعنا.. حتى الأماني يقطفون
وشِعَارُهُم: "في ذاك فليتنافسِ المتنافسونْ"

°°°°°°°°°°°°°

يا قومنا إنا مللنا من حياة كالقطيع
لا طعم فيها.. أو تلون.. أو طلاوة.. أو بديع
إنا أفقنا للحياة.. فصحونا الهول المريع
ضقنا بحال ثابت، في حلبة العدو السريع
ها قد نفضنا ذلنا.. لنعانق الحلم الوديع
فاحت أزاهير الربى.. فليبتدأ عصر "الربيع"

فاس في 23 مارس 2011

لقاء مع الكـون


مروان محمد محسون



منذ صغره، كان ينظر إلى القمر والنجوم، ويسأل نفسه؛ لـماذا أنـا؟ 
الحيرة، وموجة الأعاصير الذهنية، التي لا يستطيع الإمساك بأطرافها، هي الإجـابات التي كانت تتوارد عليه.

لماذا أنـا في هذا العالم، وفي هذه المدينة، ومن هذه الأسـرة؟
لماذا لم أكن ابن التـاجر فلان بن فلان أو ابن المزارع فلان بن فلان، لماذا هذا اسمي، وهذه عائلتي؟
كانت الأسئلة أكبر من الإبـحار في خياله المحدود، ليجد إجابات ترضيه.

مضت السنون تلو السنون، وأسئلته المحيرة تراوده من حين لآخـر.
كان يظن أن مجـرد التفكير في مثل هذه الأمور، ضَربٌ من الفلسفة الغير محمودة، وسبيل من سبل الشيطان، لكنّه لم يستطع أن يوقف سؤال نفسه، لـماذا أنـا؟

وفي يوم عـاصف بالأفكار، وقف أمـام المرآة، وسأل نفسه مرة أخرى السؤال الملازم له، لـماذا أنـا، إلا أنّ هذه المرة لم يكن يقصد ما كان يقصده في الـسابق، بل كان يقصد؛ لـماذا أنـا الذي يفكر في هذا السؤال؟ 

فـلم يحدثه قريب أو صديق بأمر مماثل. 

دخل في عالم السؤال الجديد، واسوّد المكان من حوله، ورأى دوامةً مدارية، تشبه المدارات الفضائية، في آخرها ثقب أسود . 
استمر في السباحة والتجديف، حتى اقترب من الثقب الأسـود، قلّ تنفسه، وضاق صدره، والسواد حالك.

عبر الثقب الأسود، ووصل إلى عالم كوكبيٍ آخـر، ذهل من المنظر المهيب، ووجد نفسه أمام شمس وقمر ونجوم، ينظرون له وشاهدهم وهم ينظرون إليه، ارتعب من نظرهم له. 
لم يستطع إنـكار الموقف، فهو الآن في وسط الحقيقة، الحقيقة التي أشعلت هالته وكأنه مـوقد، إلا أنه بلا نـار!

نظر أسفل قدمية فلم يجد أرضاً يثب عليها، وشاح ببصره إلى الأعلى فلم يجد السماء الزرقاء،
التفت لليمين ولليسار مذهولاً، فلم يرَ شيئاً سوى أفـق الكون الأسـود.
خيم السكون على سمعه، وأحس بالكون من حوله.
نظر ببصره إلى الكواكب التي حوله، وسألهم السؤال الكوني – الأول - الذي رافقه من صغره: 

- لماذا أنـا؟ 
فلم يجبه أحد.
- لماذا أنـا الذي يسأل نفسه هذا السؤال؟
سـمع همساً في أذنيه يجيبه، لأنك أنت أنت! 
- فقال : لماذا أنا أنا؟! 
رد عليه القمر : لأن أنت هو أنت.

فأكملت نجمة من النجوم الحديث وقالت: ألم تسأل نفسك هذا السؤال من قبل وظللت تفكر فيه وتبحث له عن إجابة؟ 

أكملت نجمة أخرى وقالت: ألم تسأل نفسك من قبل، لِمَ أنت في هذا العالم وفي هذه الحيـاة ؟
أعقبت الشمس: كنـا نراك ونسمعك، وننتظر لحظة قدومك لنا، حتى نجيبك .
لم يكن يصدق أن الكواكب تحادثه، وتسأله، وتدرك وجوده، ولكنه أيقن أنه في عالم حقيقي، لا مفر من إنـكاره والهـروب منه.
فهُم من سمحوا له بالوصول، وهم من سيسمحون له بالخروج منه .
قال للقمر: لماذا اخترتموني أنـا، فأنا شخص عـادي، بل ولست حتى من الصالحين .
أجـابه القمر: إن سؤالك القديم، جعلك تحـاول الخروج من الحصن، الذي حُجِزت بداخله، فكلما كنت تكرر السؤال على نفسك، كلما عبرت ما يحجزك عن الخروج من ذلك الحصن، وبتكرارك للمحاولات، وعدم يأسك أو عجزك، سيقت لك الأقـدار التي أعانتك على اجتيازك لذلك الحصن، إلا أنك ما زلت دون أسـواره !
ونحن الكواكب، رعينـاك ولازمناك منذ صغرك حتى وصلت إلينـا، لنؤكد لك؛ أن أنت هو أنت، وأولئك هم أسـرتك وتلك هي عائلتك وهذا هو عالمك ونحن الكون الذي يحيط بك ويسمع أسرارك .
والآن، بعدمـا استطعت الوصول لنا، سنجعلك ترحـل، وترجـع لعالمك، وستعود لنا مرة أخـرى.

- ومتى سأعود لكم؟
القمر : بعدمـا تعبر أسوار حصنك.

بدأ السواد المحيط – به - يغيب شيئاً فشيئا، والكواكب تغادر، كوكباً بعد كوكب، وكان آخر ما سمعه: نحن بانتظارك.

ثم سُحِب باتجاه الثقب الأسود، وعاد إلى الدوامة المدارية، وانتهى منها ليجد نفسه واقفاً أمام المرآة.

فلسطين.. ويل لكم من غضب التراب!

حافية أقدام العدالة صفراء باهتة هزيلة

يارا الأندري

اثنين، ثلثاء وأربعاءْ
أيام كلّها سواءْ 
هناك، هناك...أجساد سمراء كالبذار
ملقاة مشلّعة، تبحث عن بعض من أشلاءْ

تدوسها الأرجل، يلتهمها الرصيف المعتم 
كلها هناك، هناك في فلسطين 
بيت لحم يبكي كنيسة القيامة، والأقصى الأقصى ينادي
في غزة أطفال عراة، أمومة سوداءْ 
عجز، وهن، نحيب ظلم وبكاء 

وخبيثة وجوه الغزاة 
حافية أقدام العدالة، صفراء، باهتة هزيلة 
فكلنا طغاة، كلنا صلبناه ذات صباح 
في تلك الزاوية هناك استمتعنا 
ومارسنا شتى طقوس الضغينة

هناك، هناك في شوارع القدس وأزقته... 
بين ضفة وقطاع حواء تنوح، تستجدي الإله 
ولدموعها تنشقّ آلاف الهياكل 
يرتمي والد، بحثاً عن وليد أضاعه 
على أرصفة الأمم، بين أضلع التسويات 

تحت أقدام مسخ الحضارة 
وحش، بالأمس، اغتصب طفولة سمراءْ 
هناك... في فلسطين أرض الأنبياء 
وبعد... تأتيك أم مفجوعة تدفن رضيعها 
تطمّ أنينها، تحفر جراحها، وترمي أمواتها، جثث الصغار 
بالأمس كانت هديل وبعدها مريم وقبلها أحمد 
وسلسلة طويلة وقافلة لا تنتهي 

ووجوه ووجوه 
ودموع أمهات 
فويلكم من غضب التراب من أحداق الأطفال 

ويلكم من آهات الأمهات وعويل الثكالى

ويلكم من غضب الإله!